السبت، ١٨ يونيو ٢٠١١

الوتد والبسكوتة والتوقيعات



البدء بالدستور سيكون أكبر نكسة للعملية الديمقراطية. والأسف أن هذا الاتجاه الذي تقاتل في سبيله الأحزاب العلمانية، أعلن الدكتور عصام شرف تأييده له مؤخرا، وكرره أمس بشكل غير مباشر بقوله إن الدستور الجديد لن يستغرق وقتا طويلا لكثرة الفقهاء الدستوريين في مصر.

في الاستفتاء الماضي ذهب 18 مليونا إلى الصناديق وهو رقم غير مسبوق في التاريخ المصري. ما شجعهم على ذلك شعورهم بأن كلمتهم مهمة وأنهم من يقررون مستقبل وطنهم.

تلك الملايين ستنكمش وتتحول إلى مقاعد المتفرجين أو غير المبالين لو تم اسقاط نتيجة الاستفتاء. سيعتبرون كل الاستفتاءات والانتخابات القادمة مجرد شكل روتيني أو ديكور لا يختلف عنه في عهد مبارك.

عصام شرف بعد أسابيع قليلة من توليه الحكومة، تحول إلى مقاوم بشدة لتسمية حكومته بتسيير الأعمال، ويعلن عن مشروعات وخطط ويقوم بسفريات خارجية كأنه رئيس مؤبد.

وقد تغير كثيرا بعد لقائه بأوباما، وظهر أنه غير مستعد لترك مكانه لحكومة منتخبة في أقل من ثلاثة شهور، معتمدا على صراخ ما يسميه أستاذه يحي الجمل "أحزاب الشرعية الثورية".

هذه الأحزاب التي يحتج بها ويستند إليها الجمل، قالت أمس إنها جمعت حتى الآن 3 ملايين توقيع.. وهو سلوك غريب لم نسمع عنه من قبل. الشعب ذهب إلى الصناديق وصوت بالأغلبية الكبيرة لصالح التعديلات الدستورية التي وضعت جدولا زمنيا للديمقراطية يبدأ بالانتخابات، فإذا بالبعض ينقلب عليه بجمع التوقيعات!

كم سيكون عدد التوقيعات لو قامت بجمعها القوى الرافضة للانقلاب على الاستفتاء؟!

يجب التحذير بقوة من الانسياق لرغبة ذلك الفصيل الذي يتزعمه في الواقع يحي الجمل وعصام شرف. الوتد والبسكوتة. فالمحصلة ستكون هدم الديمقراطية وتفريغها من أي مضمون. الاثنان يتفرغان الآن لهذه المهمة التي يستأسد فيها شرف منذ نيله "شرف" المشي بجانب أوباما.

لو نجح الوتد والبسكوتة في معركتهما المصيرية فأن مصر هي التي ستفشل، وستنتهي كل طموحات شعبها في أن تكون له الكلمة ومصدر السلطات.

وأمس أكد المجلس العسكري ممثلا في عضوه اللواء محمد العصار، الاحترام الكامل لنتيجة الاستفتاء، مكذبا ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" على لسانه في لقائه بأعضاء غرفة التجارة الأمريكية.

قال العصار إن الصحيفة لم تنقل كلماته بدقة، فقد أكد خلال اللقاء التزام المجلس العسكري باختيار الشعب المصري الذي كشفت عنه نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، ومن ثم فإن الطريق الذي اختاره المصريون هو الانتخابات.

أما بخصوص بعض القوى السياسية التي ترفع شعار الدستور أولا، فإن كلامه كان في السياق التالي: "إذا أرادت بعض القوى السياسية إزالة بعض المخاوف أو تحقيق بعض الضمانات، فإن المجلس العسكري مستعد لذلك في ضوء توافق كل القوى السياسية على هذه الضمانات وموافقة الشعب عليها".

كلام رائع وعاقل.. ليت الدكتور شرف يدرك معانيه جيدا متوقفا عن ما بدأ يوجهه من اهانات لشعب يريد أن يستقر ويبني مؤسساته الشرعية.

على شرف أن يهتم بالمشاكل الصغيرة التي لا يستطيع حلها فتسيء لسمعة البلد، كهؤلاء الذين ينامون أمام ماسبيرو على الكورنيش وتنقل وسائل الإعلام العالمية صورهم وهم عرايا يستحمون في النيل، وينامون ويأكلون!

120 أسرة تفترش الطريق في أهم أماكن العاصمة، فلا يهتم رئيس الحكومة ولا يستطيع أن يعالج مشكلتهم، كأنه يذكرنا بفشله سابقا في وزارة النقل وتسببه في كارثة القطار الشهيرة.

فراج إسماعيل -المصريون

ليست هناك تعليقات: