الأحد، ١٠ أبريل ٢٠١١

اختطاف الجيش

بقي ابراهيم كامل أكثر من شهرين طليقا منذ قيادته لموقعة الجمل ولم تمتد إليه يد العدالة رغم تيقن الجميع من أنه أخطر بلطجي في مصر، وأنه قادر على الانقضاض على الثورة والأمن والاستقرار، بل تمزيق واختطاف القوات المسلحة وهو شيء فظيع لو وصلت إليه النهاية. أكرر ما كتبته هنا من قبل منبهاً إلى خطورة هذا البلطجي. استشهدت بما قلته عبر قناة "العربية" مساء يوم موقعة الجمل بأن "كامل" متورط بعد وعيده في الليلة السابقة بأن تشاهد كاميرات الفضائيات مئات الآلاف وهم يزحفون من ميدان مصطفى محمود مؤيدين لمبارك. مساء الجمعة وفجر السبت تحول ميدان التحرير إلى ساحة حرب. الثامنة صباحا كانت الأثار المتبقية تدل على كارثة. رصاص ودماء وأسلاك شائكة واحتراق سيارتين واتوبيس تابعين للجيش، ثم شباب يعتلون سطح مدرعة عسكرية تقطع الطريق أمام المتحف المصري تمنع المرور، ولا يبدو أي وجود لعناصر أمنية سواء من الجيش أو الشرطة كأنه تم طردهم من المكان. أمس انتبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن الوطن لا يحميه الاسترخاء والتباطؤ وأصدر أمر ضبط واحضار لابراهيم كامل لأن عناصر تابعة له منهم 8 أفراد يرتدون الزي العسكري وثلاثة أجانب قاموا بعملية البلطجة وقيادة الثورة المضادة التي تنفذ هذه المرة أخطر المخططات على مستقبل مصر.. الفتنة بين الجيش والشعب. ما قام به بلطجية ابراهيم كامل مدعومين من جهات خارجية استهدفت القوات المسلحة في الأساس، وقد رأينا كيف سارعت هيلاري كيلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية بالتدخل حيث طلبت من الجيش التحقيق فيما حدث من اطلاق الرصاص على المتظاهرين. من أطلق كل هذا الرصاص لمدة تصل لثلاث ساعات، علما بأن الجيش أكد أنه لم يطلق رصاصة واحدة، حتى عندما قام المتظاهرون بخطف أحد الجنود وضربه؟! هل الذين ارتدوا الزي العسكري ينتمون للقوات المسلحة فعلا؟!.. يقول بعض شهود العيان إنهم لا يجيدون أداء التحية العسكرية. إذا كانوا من الجيش سواء في الخدمة حاليا أو مفصولين منه.. كيف وصل إليهم ابراهيم كامل ومدير مكتبه وائل أبو الليل الذي قاد عملية الهجوم من الميدان، وكيف تم تجنيدهم، وهل هذا في مقدور ابراهيم كامل الذي أكدنا من قبل ونؤكد مجددا أن لديه ميليشيات، أظهرت أحداث فجر السبت أنها مسلحة تسليحا جيدا؟.. وإذا سلمنا أنهم ضباط جيش متمردون، فكيف سمح لهم المتظاهرون بالانضمام إليهم، بحيث جلسوا أمام المنصة التي كان يتحدث منها الإعلامي حسين عبدالغني.. أليس ذلك في عرف القانون يحول المظاهرة من سلمية إلى انقلاب عسكري يجب مواجهته بالقوة والحسم، خصوصا أنهم تمتعوا بحماية المتظاهرين عندما حاول رجال الشرطة العسكرية القبض عليهم، بل قاموا بضرب قائد الشرطة العسكرية؟.. لا يكفي القبض على ابراهيم كامل، الهارب حتى لحظة كتابة هذا المقال، بل هناك من يسرب أنه تم تهريبه خارج مصر من مطاره الدولي في الساحل الشمالي.. ولا نعلم حقيقة ذلك حتى الآن. كتبت في مقال "المكسوفون من مبارك" إن القبض على رؤس النظام سيساهم في وقف حالة الفوضى. الرأي العام متخوف مما يقرأه عن ضغوط خارجية لمنع محاكمة مبارك وأسرته. ووصل الخوف إلى ذروته بعد اقرار المجلس العسكري بوجود هذه الضغوط. ما وصلت إليه الأوضاع في جمعة التطهير تؤكد عدة مؤشرات. الأول أن محاولة خطيرة تجري لاختطاف الجيش، ولو حدث ذلك فان بلادنا ستدخل حربا أهلية وتبدأ مرحلة "الصوملة" التي قد تعيشها لسنوات يعلم الله متى تنتهي، تنقسم خلالها قواتنا القوية التي تعتبر واحدة من أقوى ستة جيوش في العالم حاليا، إلى ميليشيات يقودها جنرالات حرب على النحو الذي حدث في الصومال، ومن ثم تنجح اسرائيل في التخلص منه، كما تخلصت من جيش صدام حسين، وفي الطريق الجيش السوري أيضا. الثاني أن الرافضين لنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية قرروا النزول للشارع وتحدي الجيش في التفاف على العملية الديمقراطية، وها هم يتحدونه بالرجوع إلى ثكناته وتشكيل مجلس رئاسي، رغم أن الاستفتاء بـ"نعم" يعني قبول الشعب بحكم المجلس العسكري طوال الفترة الانتقالية لحين تسليم البلاد لمؤسسات منتخبة. الثالث أن قوى الشعب الأصيلة والوطنية وأولها التيار الإسلامي يجب أن تحمي الوطن في هذه الفترة العصيبة من تاريخه، وأن تساهم في الحفاظ على تماسك القوات المسلحة وهيبتها ووجودها، لأن ذلك حماية لحاضر ومستقبل البلد، فالهتافات التي رددتها تجمعات المعتصمين بعد مظاهرة جمعة التطهير، كلها ضد الجيش، ومعدة بطريقة تحمل مشاعر الثأر والكراهية، وهذا يجعل أهدافهم غامضة لا تطمئن أحدا وتجعلني شخصيا أشك فيهم. الرابع أن المجلس العسكري مطالب بالقبض سريعا على كل رؤوس النظام وحبسهم احتياطيا ومحاكمتهم على الفساد السياسي وليس الاكتفاء بمحاكمات المال العام الدائرة حاليا. arfagy@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: