الثلاثاء، ١٠ أبريل ٢٠١٢


جبهة واحدة ضد سليمان

كان مشهد تقديم اللواء عمر سليمان لأوراق ترشحه قبل إغلاق الباب بثلث ساعة فقط حاملاً لكل دلالات مشهد الالتفاف على الثورة وخداعها بعد تحريض أطرافها على حروب استقطاب منظمة، استنزفتها جميعًا وتركتها كالفرخة المذبوحة، ليأتى رجل المخابرات القوى متلذذًا بنهايتها.
فى حرب الاستقطاب الأخيرة، انتفضت معظم الأطراف فى هجمة لم يسبق لها مثيل ضد ترشيح الإخوان لخيرت الشاطر، واعتبروه نكوصًا عن وعد سابق قطعوه على أنفسهم بألا يترشحوا. 
فى نفس واحد، كل المحطات التليفزيونية والإذاعية والصحف ومواقع الإنترنت تهاجم وتنتفض وتحرض "العسكرى" على التدخل.
وكانت تلك الانتفاضة مكملة لمشهد الانسحابات من تأسيسية الدستور، والتى أوحت بوجود ضغوط من جهة قوية، أغلب الظن أنها "سيادية" وأبلغ دليل هو انسحاب الأزهر الذى لم يكن ليحدث إلا بتوجيهات عليا، فلم نعهد منه أن ينسحب من تلقاء نفسه خصوصًا إذا انتفت الأسباب الخاصة به التى تجعله يقدم على تلك الخطوة.
نعود لمشهد تقدم سليمان بأوراقه.. فقد كان معبرًا عن رئيس جمهورية متيقن منه وليس محتملاً أو مجرد مرشح، رئيس يعبر عن النظام الحاكم الحالى، فقد استقبله اللواء حمدى بدين قائد الشرطة العسكرية بحراسة مشددة. من غير شك هو مشهد مختلف عن كل من سبقوه، لا يعادله سوى ما كنا نراه أيام المخلوع.
وبعد أن انتهى، منعت الشرطة العسكرية والحراسة الخاصة الإعلاميين من الاقتراب منه أو توجيه أسئلة له، ثم استقل سيارة سوداء عائدًا.
إن الثورة تسرق الآن علنياً، فتقدم نائب الرئيس السابق ورئيس جهاز المخابرات العامة سنوات طويلة ليكون مرشحًا رئاسيًا فى ظل نظام عسكرى ينتمى إليه، لا يبدو عادلاً على الإطلاق، سيكون التنافس غير متكافئ لأن أجهزة الدولة السيادية المؤثرة ستقف مؤازرة لسليمان، تسانده بالطرق المشروعة وغير المشروعة.
ثورة 25 يناير لم تقتلع مبارك وحده بل ومعه نائبه الذى رفضت أن يفوض إليه المخلوع صلاحياته فى خطابه ليلة 10 فبراير وزحفت إلى القصر الجمهورى، ولم تهدأ إلا بعد رحيل الاثنين معًا فى اليوم التالى.. فما هو منطق عودة النائب رئيسًا من باب الانتخابات التى سيكون مشكوكًا فى نزاهتها؟!
فوز سليمان سيعيد مصر إلى المربع رقم واحد، سيصبح رئيسًا غير شرعى حتى لو جاءت به الانتخابات، فهو مرشح المجلس العسكرى الذى سيحرس الصناديق ويقدمها هدية له!
القوى الثورية أحوج الآن إلى الاتفاق والتوافق من أى وقت مضى لإنقاذ ثورتها، على كل طامح أن يتخلى عن طموحه فى هذا الوقت العصيب ويندمج فى الجماعة الوطنية، لأن مصر فى طريقها للضياع 60 سنة أخرى وقد لا تعود بسهولة عبر الميادين.
الآن حان وقت التنازلات من الجميع للجميع من أجل التصدى لعمر سليمان والمجلس العسكرى، وحتى يثق الشعب فى قدرة ثورته على الانتصار مرة أخرى.
مشروع قانون منع مسئولى نظام مبارك من تولى المناصب والذى تقدم به النائب عصام سلطان، مشروع عبقرى لا يجب أن يتقاعس عنه البرلمان، فإصداره سيكون عنوانًا دائمًا لعدم شرعية عمر سليمان.
arfagy@hotmail.com

فراج إسماعيل

ليست هناك تعليقات: