الاثنين، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٢

المدنيون الانقلابيون 
نحتاج إلى إعادة مراجعة لكثير من الصفات "المنتحلة" والتي سطت عليها بعض التيارات السياسية في مصر.
التيار الإسلامي.. يتسق مع نفسه، من حيث "المبنى" و"المعنى"، فهو التيار الذي يعتمد على المرجعية الإسلامية، في تأسيس رؤيته للدولة ولفلسفة الحكم.. ولم يكن "مدّعيًا" أو "منتحلًا" لصفة.
بعض التيارات في مصر، تنتحل صفات "حضارية" بعيدة كل البعد، عن أدائها السياسي أو الأيديولوجي.
فالقوى التي تدعي "المدنية"، بعد الثورة، خاضت نضالًا مثيرًا للدهشة، من أجل استدراج الجيش للاستيلاء على السلطة، ولم تكن عملية الاستدراج "مواربة" أو "خجولة" وإنما فجة وصريحة، ودعت الجيش صراحة بأن يتولى الحكم إما لأجل مسمى أو لمدة زمنية مفتوحة بلا أسقف!
الدولة المدنية، مصطلح اخترع أصلًا لمواجهة "دولة العسكر" أو "الدولة الأمنية".. ما يعنى أنه من المفترض أن تكون "القوى المدنية" معارضة صلبة لـ"عسكرة الدولة" بأي شكل سواء كانت عسكرة صريحة أو من وراء جُدر.
الأستاذ هيكل، والغيطاني، وأسامة الغزالي حرب، واليسار الناصري على سبيل المثال من دعاة "الدولة المدنية".
وإذا كانت الناصرية، تعتمد على فكرة التحالف بين البيروقراطية المدنية والجيش، كأساس لـ"الدولة المدنية" ـ بحسب مفهومهم ـ إلا أن الجيش يظل هو قوام الحكم من خلال الاتشاح بالملابس المدنية وإخفاء "اللون الكاكي" ـ الحاضر أصلًاـ من على صدارة المشهد الرسمي.
بعد الثورة، تعرضت القوى السياسية المصرية، لعمليات فرز كبيرة، واستظلت القوى الليبرالية، تحت ذات المظلة اليسارية على تنوعها، التي تأنس وتشعر بالأنس والطمأنينة بالخدمة تحت بيادات العسكر الخشنة.
هيكل والغيطاني وأسامة الغزالي حرب، مع اليسار الناصري، تولوا عملية التنظير السياسي لـ"الانقلاب العسكري".. بل كان هيكل الأوضح حين حث الجيش على الاستيلاء على السلطة وتسمية المشير طنطاوي رئيسًا للجمهورية لثلاث سنوات!
المفارقة ـ هناـ أن الرئيس مرسي ـ المحسوب على التيار الإسلامي ـ هو الذي انتصر للدولة المدنية، حين أقال جنرالات الجيش الكبار المحسوبين على النظام القديم واسترد سلطاته كاملة من المجلس العسكري، وعين قادة جددًا أقرب رحما من روح ثورة يناير.
يوم أمس الأول، طالب مجددًا "المدنيون" بتدخل الجيش والاستيلاء على السلطة، وطرد الرئيس المنتخب من قصور السلطة، بعد "الإعلان الدستوري" الأخير الذي واجه به مؤامرة كبير كانت تحاك بالتعاون مع الناصريين والنائب العام السابق وقضاة بالمحكمة الدستورية لإعادة شفيق إلى البلاد منتصرًا وتسليم البلاد والعباد له باعتباره الرئيس الشرعي!
في مصر الآن أدعياء ينتحلون صفات كثيرة لسرقة البلد والشرعية.. غير أن موعد هتك سترهم وبالقانون قد بات قريبًا

.
almesryoonmahmod@gmail.com 
محمود سلطان

ليست هناك تعليقات: