الثلاثاء، ٢٤ أغسطس ٢٠١٠

التطرف الكنسي

محمود سلطان 24-08-2010 00:47

من بين الادعاءات التي يرددها المتطرفون الأقباط أن الاحتقان الطائفي بين المسلمين والمسيحيين في مصر، كان بسبب قرار الرئيس الراحل أنور السادات اطلاق سراح قادة الإخوان المسلمين واهدائهم مساحة نسبية لممارسة نشاطهم الدعوي والسياسي!
وهي واحدة من الأكاذيب الكبرى التي اعتاد عليها الإرهابيون الأقباط، في سياق تحريضهم الدؤوب ضد أي مظهر من مظاهر الأسلمة في المجتمع المصري.. ومع ذلك فإن هذا الادعاء يحتاج إلى اختبار تاريخي للبحث عن الجاني الحقيقي لكل أحداث الشغب الطائفي في مصر خلال الثلاثين عاما الأخيرة.
وفي هذا السياق أنقل من مقال سابق للشاعر والناقد العربي الكبير د. جابر قميحة تلك الفقرات التي أوردها في سياق بحثه عن العلاقة بين حسن البنا ـ رحمه الله ـ والأقباط.. يقول قميحة: ..حينما رشَّح نفسه في الانتخابات النيابية سنة 1944م في عهد وزارة أحمد ماهر باشا عن دائرة الإسماعيلية كان وكيله في لجنة "الطور"- التابعة لدائرة الإسماعيلية- يوناني مسيحي متمصِّر يُدعى "الخواجة باولو خريستو" وكانت هذه اللفتة مثارَ سخريةِ قادة الحزب السعدي الحاكم، وخصوصًا أحمد ماهر باشا, ومحمود فهمي النقراشي باشا.



ويضيف:" وكان المسيحيون- على مستوى مصر كلها- يَشعرون بروح الودِّ والسماحة المتبادلة بينهم وبين الإخوان، وخصوصًا في المناسبات الدينية، وحرص الإخوان على أن ينشروا في صحفهم أخبار هذه الزيارات، ومثال ذلك الخبر التالي المنشور في صحيفة (الإخوان) بتاريخ 10/11/1946م.
"زار نيافة مطران الشرقية والمحافظات دار الإخوان المسلمين بالزقازيق يوم عيد الأضحى (سنة 1365هـ) للتهنئة بالعيد, وأذاع نيافته نشرةً مطولةً بعنوان (هدية العيد) تدور حول معنى (الاتحاد رمز الانتصار), وقال في آخرها: أشكر جمعية الإخوان؛ لأنهم إخوان في الشعور.. إخوان في التضامن.. إخوان في العمل".
وأطرف هذه الوقائع كلها, وكانت أواخر سنة 1927م ننقلها بالنص من مذكراته ".. بعد أربعين يومًا من نزولنا إلى الإسماعيلية, لم نسترِحْ للإقامة في البنسيونات, فعوَّلنا على استئجار منزل خاص, فكانت المصادفة أن نجد دورًا أعلى في منزل استؤجر دوره الأوسط لمجموعة من المواطنين المسيحيين اتخذوا منه ناديًا وكنيسةً ودوره الأسفل (الأرضي) لمجموعة من اليهود اتخذوه ناديًا وكنيسةً، وكنا نحن بالدور الأعلى نقيم الصلاة, ونتخذ من هذا المسكن مصلًّى.. فكأنما كان هذا المنزل يمثل الأديان الثلاثة، ولست أنسى "أم شالوم" سادنة الكنيسة, وهي تدعونا كل ليلة سبت لنضيء لها النور, ونساعدها في "توليع وابور الجاز"، وكنا نداعبها بقولنا: إلى متى تستخدمون هذه الحِيَل التي لا تنطلي على الله?! وإن كان الله قد حرم عليكم النور والنار يوم السبت- كما تدَّعون- فهل حرَّم عليكم الانتفاع أو الرؤية?‍فتعتذر وتنتهي المناقشة بسلام".
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
sultan@almesryoon.com

ليست هناك تعليقات: