السبت، ٢٥ أغسطس ٢٠١٢

"المصريون" تفتح ملف تعمير سيناء .. قلب مشروع النهضة

وكأنه قدر لسيناء أن تتقاذفها الأحداث الصعبة فقد كانت مسرحًا لثلاثة حروب كبرى، ونتيجة الفراغ الأمنى الناتج عن اتفاقية كامب ديفيد عاشت سيناء الكثير من أحداث العنف الدامى خلال فترة ما بعد الثورة كان أولها فى 29 يوليو 2011 حيث هاجم مسلحون ملثمون قسم شرطة العريش ثان وقذفوه بمدافع ثقيلة من عيار 250 مللى و500 مللى وجرينوف، وقنابل يدوية، ونجحوا فى إحراقه، وقتلوا خمسة أشخاص بينهم طفل وضابط شرطة وآخر ضابط جيش، وأصابوا 21 آخرين بينهم 8 من رجال الشرطة وجنديان من القوات المسلحة، وكانت آخر تلك الأعمال الإجرامية حادث الأحد الدامى الذى اختار إرهابيون موعد انطلاق مدفع إفطار رمضان  لتنفيذ جريمتهم الوحشية، وتمكنوا من قتل 16 ضابطا وجندى مصرى تابعين للقوات المسلحة، أثناء حراستهم للحدود المصرية فى سيناء ، وبين الحادثين المروعين وقعت عشرات الحوادث ومنها على سبيل المثال لا الحصر تفجير خط الغاز المصرى المؤدى إلى إسرائيل والأردن 17 مرة، والهجوم على أكمنة الأمن من الجيش والشرطة أكثر من 30 مرة، وخطف سياح أجانب، وقطع طرق، وخطف مواطنين سيناويين رجالاً وأطفالا .

ويرى الخبراء بل وعامة الشعب المصرى أن تعمير سيناء "قضية أمن قومى "، لأنه وببساطة لا حماية للبلاد إلا بأبنائها .. وبتعمير سيناء يغزو المصريون صحرائها وجبالها ووديانها ويملؤنها عمارًا وولدانًا، ومن هنا تكمن حماية سيناء التى هى حماية وأمن مصر.    

وتبلغ مساحة سيناء 61000 كم2، وبرغم غناها  بـ13 نوعًا من الخامات المعدنية بكميات كبيرة مثل الحديد والطفلة والرخام والحجر الجيرى، والجبس والكبريت والرمال السوداء  والرمال البيضاء التى تصنع منها القطع الالكترونية الدقيقة  والزجاج، تجاهلها النظام البائد لعقود، وقمع أهلها، حتى أن أغلبهم مازالوا يسكنون خيام جريد النخل، ولا يحملون بطاقة هوية !!

وبعد الثورة المصرية أصبحت سيناء هدفًا لتصريحات إسرائيل عن خطورتها على أمنها القومى بادعاء أنها وكرًا لتفريخ الإرهاب.

حيث صرح رئيس وزراء إسرائيل بأن سيناء أصبحت بؤرة للإرهاب، ولم تستطع مصر السيطرة عليها

كما دعى حزب "إسرائيل بيتنا" بشكل رسمى إلى احتلال سيناء زاعمًا بأنها جزء لا يتجزأ من الأراضى الإسرائيلية التى أوصت التوراة شعب إسرائيل باحتلالها.

أما الحاخام "يموزا عسرنيل " فقال .. لن ينهض شعب إسرائيل إلا باحتلال سيناء وضمها لأراضينا تنفيذًا لوصايا الرب.

وشجع العدو الصهيونى على إطلاق تصريحاته النارية، ما تمر به سيناء من أحداث خطيرة .

الكثير من الساسة والعسكريين أكدوا أن أمن مصر يبدأ فى أمن سيناء وأمن سيناء يبدأ بتعميرها.

ومن هنا ذهبت "المصريون" إلى الخبراء والمختصين لسؤالهم عن أنجح السبل وأفضلها لتعمير جزيرة سيناء

* د./ حمدى عبد العظيم: الزراعة والصناعة عمودا التنمية السيناوية

أكد الخبير الاقتصادى الدكتور حمدى عبدالعظيم أن تنمية سيناء تعتمد على استكمال المشروع القومى لتنمية سيناء، وزراعة 400 ألف فدان تقوم على مياه ترعة السلام والأمطار والمياه الجوفية

إضافة للتنمية الصناعية للمعادن الموجودة فى أرض سيناء.

مشيرًا إلى إمكانية عمل عدة مشروعات استثمارية للعرب والأجانب والمصريين  تخصص حق انتفاع، مما يتيح للدولة الاحتفاظ بملكيتها لأراضى سيناء.

وأضاف عبد العظيم  يمكن إقامة منطقة تجارة حرة أسوة ببورسعيد مما يجذب التكنولوجيا الحديثة والمستثمرين، وبذلك تنتعش سيناء اقتصاديا ويعمرها الصناع والزراع، وتعمر بالسكان الذين يدافعون عنها ضد أى عدوان خارجى أو داخلى .

* د./ أحمد عبد الوهاب: سيناء بها 10 ملايين فدان صالحة للزراعة

الخبير الزراعى الحائز على جائزة الأمم المتحدة للبيئة، وجائزة القرن العشرين فى المجال الزراعى الدكتور أحمد عبد الوهاب قال لـ"المصريون" إن سر نجاح الصين هو اهتمامها بالزراعة قبل الصناعة، وسر تأخر مصر هو اهتمامها بالصناعة وإهمالها الزراعة.

منبهًا إلى أن النشاط الصناعى قد يتوقف بقلة دعم الطاقة أو سوء شبكة الطرق أو الكبارى، ولكن النشاط الزراعى لا يوقفه نقص الدعم، وفى مصر لدينا كل سبل الزراعة من أراض خصبة ومياه وفيرة متمثلة فى مياه النيل فى بعض المحافظات والمياه الجوفية والأمطار فى البعض الأخر.

مشيرًا إلى أن الأراضى الصالحة للزراعة فى مصر والتى لا تحتاج إلى استصلاح تصل إلى 40مليون فدان منها 10 ملايين فدان فى سيناء وحدها لو تمت زراعتها بالفاكهة أو الخضر سيتهافت عليها العالم، لأن أراضى سيناء نظيفة لم تلوث تربتها بعد.

وعن سبل تعمير سيناء زراعيًا قال عبد الوهاب إن عمل جمعية زراعية تعاونية لكل 100 شاب تلبى لهم احتياجاتهم من سلالات وآلات زراعية وتقوم أيضا بعملية تصدير المحاصيل يعد من أهم عوامل جذب الشباب لزراعة أراضى سيناء.

مشيرًا إلى إمكانية إقامة مزارع سمكية على شواطئ سيناء تكفى لتغذية أوروبا بأكملها من الإنتاج السمكى.

وأوضح عبد الوهاب أن تقنية عمل المطر الصناعى أصبحت من أيسر التقنيات التى تستخدمها أغلب الدول ومنها سوريا والأردن، ومازالت تجهلها مصر !

واختتم صاحب جائزة "رجل العالم" حديثة لـ"المصريون " قائلاً.. مصر "ركنت" علمائها .. ولم تستفد من علمهم إلا فى قاعات المحاضرات، والنتيجة ..أراض خصبة يكسوها البوار .. وحدود مستهدفة، وشعب فقير رغم كثرة موارده.

* أسامة القصاص: تنمية سيناء تتم على ثلاثة محاور

ومن رجال العلم إلى رجال العمل حيث أكد أسامة القصاص أمين عام جمعية رجال الأعمال بشمال سيناء لـ "المصريون" أن سبل تنمية سيناء كثيرة ومتوفرة ولكن ينقصها النية الصادقة من قبل المسئولين، ولذلك لم يتم تعميرها حتى الأن .

وأوضح القصاص أن تنمية سيناء من الممكن أن تتم على ثلاثة محاور سياحية وزراعية وصناعية .

أما السياحية، فتتمثل فى شاطئ طوله 220 كم، لم يستغل حتى الآن، وسياحات السفارى وتسلق الجبال، إضافة إلى جوها الصافى النقى

وأنهى القصاص كلامه بسؤال لكل مسئول فى مصر بيده تنمية سيناء ولم يفعل قائلاً  " لماذا أصبحت تنمية سيناء مجرد مادة إعلامية نتغنى بها فى الصحف والفضائيات ؟ وإلى متى ستظل بوابة مصر الشرقية محاصرة  بأطماع اليهود وإهمال المسئولين وخيبة أمل السيناويين.

* اللواء عبد الوهاب مبروك : جميع مقومات التنمية متوفرة فى سيناء

اللواء عبد الوهاب مبروك محافظ شمال سيناء الأسبق، أكد لـ "المصريون " أن جميع مقومات التنمية متوفرة فى أرض سيناء، ولا ينقصها سوى هيئة أو جهاز حكومى يتولى تنفيذها، وإقامة مشروعات صناعية وزراعية وتجارية كبرى تجذب الشباب للسكن فيها، وبالتالى يمكن أن نحقق هدف توطين المليون ونصف المليون مواطن فى سيناء من ناحية، ومن ناحية أخرى سيتم من خلال تلك المشروعات استغلال المواد الخام المتواجدة فى سيناء - وتمثل كنزًا مفقودًا - بدلا من تصديرها بثمن بخس، مما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى.  

مشيرًا إلى أنه بتنمية سيناء ستكمل ترعة السلام مسارها لنتمكن من زراعة 400 ألف فدان كمرحلة أولى، منها 125 ألف فدان تتبع محافظتى الإسماعيلية وبورسعيد، والباقى ستخضر بهم أراضى محافظة شمال سيناء.

منبهًا إلى ضرورة صدور مرسوم يقضى بتمليك الأراضى لأهالى سيناء، وحل مشكلات حقوق الانتفاع.

* شباب مصر: سيناء نعمرها بدمائنا

وفى السياق ذاته أبدى الكثير من الشباب المصرى رغبته فى المشاركة فى تعمير سيناء ومنهم عمرو سيد حاصل على بكالوريوس تجارة  قال لـ"المصريون"سيناء دى أعمرها بدمى" ولكن بشرط واحد فقط أن أعمرها لبلدى وليس لمستثمر ينهبها ويرحل إلى دياره.

مشيرًا إلى أنه قرأ الكثير عن سيناء ويعرف عن ثرواتها الكثير، وتمنى قبل الثورة أن يشارك فى صناعة تطويرها ولكنه كان يعلم أن تحقيق حلمه دربًا من المستحيل، وبعد الثورة أصبح لسيناء فى أحلامه وطموحاته نصيب الأسد وليس فقط لتخضير صفار رمالها وإنما لحمايتها من أطماع العدو الذى يتربص لها على حدودها.

أما عبدالله حسن مهندس تخطيط فقال "تعمير سيناء واجب دينى ووطنى" وتمنى لو زحف إلى سيناء مع ملايين المصريين ليبدأوا تعميرها ويبنوا مستوطنات مصرية على أراضيها، لحمايتها من أطماع اليهود.

مشيرًا إلى أن تعمير سيناء سيحل بالبركة على مصر لأن القرآن الكريم وصفها بالأرض المباركة بشرط التخطيط السليم.

وأضاف حسن أن سيناء تحظى بالأراضى التى يمكن زراعتها بالقمح، والجبال التى تحوى المعادن، والمناظر الخلابة التى تشجع على قيام السياحة فى أزهى صورها.

مات ألاف الشباب المصرى من أجل تحرير مصر من الطاغية وأملاً فى حياة كريمة .. ومستعد لثورة على صحراء بلادى وإن مت من أجل تخضيرها فلا بئس .. هذا ما قاله محمد شعبان "دبلوم تجارة".

مؤكدًا أن تعمير صحراء مصر حلم كل مصرى وخاصة سيناء لأنها مطمعًا لإسرائيل، وتعميرها يعد بمثابة وضع جيوش مصرية فى وجه العدو ولكن مع مراعاة اتفاقية السلام. فوجودنا فى سيناء حماية لها من أى معتدِ، إضافة إلى أنه سينعش الاقتصاد ويقضى على نسبة كبيرة من البطالة ويوفر العمل والسكن وهذا كل ما نحتاجه فى المرحلة المقبلة.
كانت هذه بعض من أحلام ملايين المصريين بسيناء "مصر الجديدة" التى نتمنى أن يتحول لون رمالها الصفراء إلى مروج خضراء، وأن تتحول جبالها إلى قلاع صناعية شامخة فى وجه العدو تنتج وتبث فى قلبه الرعب واليأس من أن ينال ذرة من رمالها

ليست هناك تعليقات: