الأحد، ٣٠ مايو ٢٠١٠

المصري اليوم: الغلابة يستغيثون بأبو تريكة لحل مشاكلهم بعد يأسهم من الحكومة

عماد الدين حسين يعتبر في (الشروق) أن الموضوعية تقتضي في هذه الأيام السوداء التي تهدد مصر في أمنها المائي أن نشيد بعمق نظرة مصر "الناصرية" تجاه ملف القارة الأفريقية عموما وملف حوض النيل خصوصا، ويرى أن عبد الناصر كان عبقريًا في إدارة علاقاته مع أفريقيا ليصبح بالنسبة لهم أكثر من مجرد زعيم دولة كبرى بحجم مصر، ويتحول إلى ملهم لقادة الثورات وحركات التحرر الأفريقية الذين يحتل أبناءهم اليوم كراسي القيادة في بلدانهم.

يقول حسين في بداية مقاله: عندما جاء الزعيم الأفريقى الكبير نيلسون مانديلا لزيارة القاهرة عقب انتصار الثورة واندحار النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا، أذكر أنه زار الجمعية الأفريقية ومقرها فى الزمالك، ويومها أصر على مقابلة محمد فائق أحد الضباط الأحرار ووزير الإعلام الأسبق فى عهد عبدالناصر لكى يقول له «شكرا لكم على الدعم الذى قدتموه لنا».

ويتابع: محمد فائق عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان حاليا كان مكلفا وقتها بمتابعة حركات التحرر الأفريقية والتنسيق معها، وليس غريبا أن يكون كثير من وزراء ومسئولى القارة تلاميذ أو أصدقاء لفائق، وبقية الفريق الذى كان مسئولا عن الملف الأفريقى.

والأهم أنهم يشعرون بأنهم مدينون لمصر، كما قال صادقا رايلا أودينجا رئيس وزراء كينيا فى القاهرة الأسبوق الماضى حينما تحدث عن فضل مصر وعبدالناصر عليه وعلى والده وأسرته وبلده.

ويؤكد عماد الدين حسين أنه مهما اختلفت أو اتفقت مع ثورة يوليو 1952، وزعيمها الراحل جمال عبدالناصر، فإن الموضوعية تقتضى منا الآن أن نشيد بعمق نظرة مصر الناصرية تجاه ملف القارة الأفريقية عموما وملف حوض النيل خصوصا.

ويقول: ليس هذا وقتا للتفاخر أو التنابز، لكن العقلاء فى السياسة هم القادرون على الاستفادة من التجارب السابقة خصوصا إذا ثبت أنها ما تزال صالحة حتى وقتنا هذا.منذ بداية الثورة، والدائرة الأفريقية كانت واحدة من دوائر رئيسية ثلاث تتحرك فيها الدولة المصرية مع الدائرة الإسلامية وعدم الانحياز، إضافة بالطبع إلى التوجه العربى المحورى.

الدائرة الأفريقية لم تكن مجرد شعار وكفى، مثل شعارات كثيرة ترفع الآن.. لكنها كانت توجها أصيلا، وبذلا، وتضحيات، وتحركات.. والنتيجة النهائية أن معظم رصيدنا فى القاهرة الأفريقية ــ إذا كان قد بقى لنا رصيد ــ مستمد من هذه الفترة.

قدمت مصر مساعدات كثيرة لبلدان أفريقية كثيرة كى تنال استقلالها، قدمت أموالا وأسلحة وذخائر، ومقارات للاستضافة، غالبية قادة وزعماء التحرر فى القاهرة الأفريقية عاشوا فى القاهرة أو مروا منها أو تدربوا فيها.

فى المقابل يرى حسين أن المأزق الذى نواجهه الآن بشأن الأزمة مع بلدان حوض النيل هو أيضا نتيجة طبيعية للسياسة التى تكرست بعد زيارة السادات للقدس واتفاقيات كامب ديفيد والانقلاب الكامل على كثير من الثوابت ومنها العلاقة مع أفريقيا.

فقد صار لدينا توجه دبلوماسى يفضل الانطلاق نحو العواصم الغربية خصوصا إذا كانت أوروبية، ويكره السيرة الأفريقية، صار لدينا تجار يفضلون استيراد اللحوم من أوروجواى والهند بدلا من أثيوبيا والسودان.. باختصار صرنا أكثر استعلاء مع الأفارقة رغم أننا لا نملك حتى مقومات الاستعلاء.

وبلهجة بدا فيها مزيج من الحنق والألم يقول حسين: فى الماضى كانت معظم البلدان الأفريقية تأتى للقاهرة ترجوها أن تتوسط فى مشاكلها الداخلية وتقنع فصائل المعارضة فيها بالتهدئة، كنا نملك أوراقا مهمة مع الحكومات والمعارضة فى معظم القارة.. الآن نطلب وساطات الصين وفرنسا وأمريكا وأخيرا إيطاليا كى تقنع بلدان حوض النيل بعدم التأثير على حصة مصر من مياه النيل.

ليست هناك تعليقات: