الخميس، ١٣ مايو ٢٠١٠

تنديد دولي بالطوارئ وأبو الغيط يتهم واشنطن بالرضوخ للضغوط


أثار القرار بتمديد حالة الطوارئ في مصر لمدة عامين إضافيين بدءًا من مطلع يونيو القادم وحتى 31 مايو 2012، ردود فعل دولية منددة، خاصة بعد وعود سابقة للحكومة المصرية بالتوقف عن استمرار العمل به مع انتهاء فترة التمديد الحالية.

وأعربت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عن أسفها لتمديد حالة الطوارئ في مصر على الرغم من التعهد الذي قطعته الحكومة للشعب المصري في العام 2005 ، وطالبت مصر بالعمل على إلغاء حالة الطوارئ في غضون الأشهر المقبلة.

وقالت كلينتون في بيان لها إن مجموعة واسعة من الهيئات المصرية ولاسيما المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر طالبت بإلغاء حالة الطوارئ في البلاد، غير أنها أعربت عن ثقتها بأن مصر قادرة على صياغة واعتماد التشريعات الفعالة لمكافحة الإرهاب التي تتلاءم وتتوافق مع المعايير الدولية للحريات المدنية، والإجراءات القانونية الواجبة. وقالت إن الولايات المتحدة تطالب مصر باستكمال هذا التشريع بشكل عاجل، والعمل على إلغاء حالة الطوارئ في غضون الأشهر المقبلة.

وكان البيت الأبيض أعرب عن "خيبة أمله" إثر موافقة البرلمان المصري على تمديد حالة الطوارئ المطبقة في البلاد منذ حوالي 30 عامًا، لمدة عامين إضافيين، وقال المتحدث باسمه روبرت جيبز في بيان "نعتقد أن مصر أضاعت اليوم فرصة لإرسال رسالة إلي باقي العالم باعتناقها القيم العالمية، ونحن نحث الحكومة المصرية على التحرك بسرعة للوفاء بالوعود السابقة التي قدمتها لمواطنيها".

وأثارت التعليقات الأمريكية رفض الحكومة المصرية، إذ عبر أحمد أبو الغيط وزير الخارجية عن رفضه لرد الفعل الأمريكي إزاء لتمديد حالة الطوارئ في مصر، ووصفه بأنه "مسيس بأكثر مما يجب"، وألمح إلى أنه حمل في طياته رضوخًا لضغوط منظمات حقوق الإنسان ومراكز الأبحاث الأمريكية.

وقال أبو الغيط: "أعتقد أن التعليقات التي صدرت جانبها التوفيق، لأنها فشلت في أن ترى الجانب الإيجابي في الخطوة الكبيرة التي تم تنفيذها بالأمس، فتقليص التدابير وغير ذلك من الأمور هو في غاية الأهمية والإيجابية، وكذلك فمبادرة الحكومة من الأساس لتقليص هذه التدابير تعد أمرا مفصليا في تعامل المجتمع المصري مع هذا الموضوع".

وتابع: "أما التعليقات التي تابعناها فأعتقد أنها تراعي الداخل الأمريكي واعتباراته بشكل أكبر من مراعاتها للعلاقة المصرية الأمريكية والفهم الصحيح لما يمر به المجتمع المصري، وهى تعليقات تراعي في الأساس الصحافة الأمريكية والمراكز البحثية والنشطاء الذين يضغطون عليها، وأعتقد أيضا أن التعليقات لم تراع الحساسية المصرية التي عبرنا عنها دائما بشأن التعليق على الشؤون المصرية".

من جانبيهما، اعتبرت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" والعفو الدولية "أمنيستي" أن تمديد الطوارئ في مصر يهدف إلى التضييق على أصحاب التوجهات المعارضة في مصر، وليس كما ادعت الحكومة بأن استخدامه سيقتصر على درء مخاطر "الإرهاب" وضد تجار المخدرات في مصر.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن تجديد حالة الطوارئ لمدة عامين آخرين يعني عدم وفاء الحكومة بوعدها عام 2005 بوضع نهاية لحالة الطوارئ، وأوضح البيان الذي حصلت "المصريون" على نسخة منه أن الحكومة المصرية قالت إنها ستقصر استخدام قانون الطوارئ على جرائم الإرهاب ومكافحة المخدرات، مع فرض إشراف قضائي على تطبيق هذا القانون، وهو أمر تعهدت به من قبل وحنثت به.

واتهم البيان مسئولي الأمن بأنهم أفرطوا في استخدام قانون الطوارئ في احتجاز الأفراد في حالات لا علاقة لها بالإرهاب، ويستعينون بهذا القانون في استهداف المعارضين السياسيين، وقد تكرر استخدام القانون ضد أعضاء بجماعة "الإخوان المسلمين"، ونشطاء ومدونين وأعضاء في الحركات المطالبة بالتغيير.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "بدلاً من التغييرات التجميلية لقانون الطوارئ على الحكومة أن تلغيه وتعيد الحقوق الأساسية للمواطنين"، وتزعم الحكومة أن قانون الطوارئ يخضع للمراجعة القضائية وفى واقع الأمر كثيراً ما تتجاهل الحكومة أحكام المحاكم القاضية بالإفراج عن معتقلين تم اعتقالهم بموجب قانون الطوارئ، ومن حق وزارة الداخلية بموجب القانون المذكور أن تجدد أوامر الاعتقال دون مراجعة.

وفند البيان مزاعم الحكومة المصرية بالكف عن استخدام قانون الطوارئ في مراقبة الاتصالات، قائلاً إن تعديلات عام 2007 على المادة 179 من الدستور تمنح بالفعل سلطة مراقبة الاتصالات، بعيدًا عن قانون الطوارئ، ودون وجوب استصدار أوامر قضائية، في القضايا المتصلة بالإرهاب، وأشار إلى إن الاستخدام المستمر لقانون الطوارئ يخرق التزامات الحكومة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان القاضية بحماية حرية التجمع وحرية التعبير وحقوق المحاكمة العادلة.

من جهتها، أعربت منظمة العفو الدولية عن استهجانها الشديد لتجديد السلطات المصرية حالة الطوارئ التي مررتها عبر البرلمان على وجه السرعة، واتهمت النظام المصري بأنه دأب على استخدامها في واقع الحال لتوجيه الضربات للرأي السلمي المخالف، ولاعتقال الأشخاص دون تهمة أو محاكمة لفترات مطولة.

وفي هذا السياق، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، إن "السلطات المصرية قد منحت قوات الأمن، بتجديدها حالة الطوارئ، ولاسيما رجال "مباحث أمن الدولة"، ضوءًا أخضر كي تواصل استخدام سلطات الطوارئ القمعية، التي أدت بوضوح إلى العديد من الانتهاكات".

وقالت إن قانون الطوارئ "يقيد بصورة غير مبررة الحق في حرية التجمع وحرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، ويسهِّل كذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات الجائرة"، وأبدت قلقها خاصة وأن "هذا التمديد يأتي بينما تقوم مصر بالتحضير للانتخابات التشريعية هذه السنة؛ وما من دلالة لذلك إلا إصرار السلطات على وسائلها السيئة السمعة في الاعتماد على سلطات الطوارئ لوضع معارضيها وراء القضبان"، على حد قولها.

واتهمت المنظمة الحكومة بأنها تواصل هجماتها على حرية التجمع، ففي أبريل، قمعت قوات الأمن بالعنف المتظاهرين السلميين الذين دعوا إلى الإصلاح السياسي وإلى وضع حد لحالة الطوارئ. ومثل هذه المظاهرات مستمرة في كافة أرجاء البلاد، وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقرًا لها إنها دأبت على توثيق حالات اعتقال تعسفي لمئات الأعضاء في أكبر منظمات المعارضة السياسية، "الإخوان المسلمين"، في الفترة التي سبقت انتخابات 2005، كما قامت بتوثيق الحظر المتواصل لمظاهرات المعارضة وتفريقها عن طريق العنف.

وأشارت إلى أن آلاف الأشخاص لا يزالون قابعين وراء قضبان السجون المصرية بمقتضى تشريع الطوارئ دون تهمة أو محاكمة في ظروف لاإنسانية وحاطة بالكرامة. ومضى على احتجاز بعض هؤلاء ما يربو على عقد من الزمن، بمن فيهم عديدون أصدرت المحاكم أوامر متكررة بالإفراج عنهم.

وقالت إن سلطات الطوارئ أدت إلى محاكمات بالغة الجور أمام محاكم الطوارئ والمحاكم العسكرية، التي تتجاوز نظام القضاء الجنائي، واتهمت السلطات المصرية بأنها تواصل إساءة استخدام سلطات الطوارئ للانقضاض على حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، فمئات الأعضاء والأنصار المزعومين لأكبر منظمات مصر السياسية المعارضة، أي "الإخوان"، هم رهن الاعتقال في الوقت الراهن.

وأعربت منظمة العفو الدولية عن قل من إمكانية تفاقم الانتهاكات جراء إقرار مسودة تشريع لمكافحة الإرهاب يقصد به أن يكون بديلاً دائمًا لحالة الطوارئ، حيث تظل محتويات هذا التشريع سرية رغم الطلبات المتكررة التي تقدمت بها منظمة العفو الدولية وآخرون للاطلاع على مشروع القانون والتعليق عليه
.
المصريون

ليست هناك تعليقات: