السبت، ١٤ يناير ٢٠١٢


أبو سعدة يعترف بتلقيه أموالا أمريكية


فجر موقع "ويكيليكس" الذي أسسه الصحفي الأسترالي جوليان أسانج مفاجأة مدوية بكشفه عن برقيات جديدة من السفارة الأمريكية في القاهرة تفيد قيام الولايات المتحدة باستغلال دول عربية ومنظمات ممولة أمريكيا في الدول العربية لتحويل أموال إلى منظمات مصرية حقوقية للتمويه على التمويل الأمريكي المباشر لها، وإبعاده عن أعين الحكومات العربية.

فقد قالت قالت البرقية رقم "09CAIRO748" الصادرة من السفارة الأمريكية في القاهرة بتاريخ 30 إبريل/نيسان 2009، وتحمل البرقية الدبلوماسية تصنيف "سري" والمشفوعة باسم السفيرة الأمريكية لمصر في ذلك الوقت مارجريت سكوبي تقول فيها "إن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تلقت تمويلا من منظمة مغربية لعقد مؤتمر في القاهرة عن حرية الصحافة في يناير 2009".

ثم وضعت السفيرة الأمريكية بين أقواس أن هذه المنظمة المغربية، واسمها مركز حرية الإعلام، هي في حقيقة الأمر ممولة من برنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (ميبي) الذي أطلقه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد احداث11سبتمبر ويخضع للخارجية الأمريكية. وبرنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، هو أحد الأذرع التمويلية لوزارة الخارجية الأمريكية.

فقد تأسست في 12 ديسمبر/كانون أول 2002 "للتواصل المباشر مع الناس والاستثمار في شعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وتقول المبادرة على موقعها إنها قدمت أكثر من 530 مليون دولار في المنطقة العربية في أكثر من 17 دولة.

هذا فيما تعد البرقية أول دليل على ترابط المؤسسات الممولة أمريكيا في العالم العربي لتفادي الرقابة الحكومية كما تثير تساؤلات حول كيفية قيام منظمة غير حكومية صغيرة في دولة عربية نامية مثل المغرب العربي بتمويل منظمة في دولة نامية هي الأخرى مثل مصر.

وجاءت تلك المعلومات الأخيرة المتعلقة باستغلال الدول العربية في تحويل الأموال في الوثيقة في سياق أن وزارة التضامن الاجتماعي في مصر كانت قد سلمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وهي واحدة من أقدم المنظمات المدنية في مصر، خطابا يوم 27 إبريل/نيسان من نفس العام، قالت الوزارة المصرية فيه إنه يحق لها قانونا حل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان؛ "لتلقيها تمويلا أجنبيا غير مصرح به".

هذا ويقول موقع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن رئيسها هو هشام قاسم والأمين العام لها هو حافظ أبو سعدة.

وتتحدث البرقية، التي حصلت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك على نسخة منها، عن توجه حافظ أبو سعدة بعدها للشكوى للسفارة الأمريكية ضد وزارة التضامن الاجتماعي المصرية. وأن السفارة الأمريكية وعدته، بحسب البرقية، أنها ستقوم بالتدخل على أعلى مستوى لكن بدون إعلان. وقالت إن التدخل علانية قد يأتي بنتائج عكسية. غير أن البرقية قالت إن السفارة خاطبت وزارة الخارجية المصرية بخصوص رسالة وزارة الشئون الاجتماعية.

وقالت البرقية على لسان السفيرة :"نعتقد أن الحكومة المصرية على الأرجح لن تخاطر بحدوث غضبة دولية ومحلية ستنتج في حال قيامها بحل المنظمة غير الحكومية، وعليه فإن أمريكا عليها أن تتفادى أية تعبيرات عن الرأي في العلانية يمكن أن تغير حسابات الحكومة المصرية".

وتظهر البرقية التعاون الوثيق بين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي يرأسها هشام قاسم وأمينها العام حافظ أبو سعدة، بحسب موقعها، وبين الدبلوماسيين الأمريكيين. حيث تقول الوثيقة إن أبو سعدة سلم يوم 29 ابريل/نيسان 2009 إلى السفارة الأمريكية، التي تمثل دولة أجنبية، نسخة من الخطاب الحكومي الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي المصرية. هذا ولا يعلم إذا ما كان أبو سعدة يحمل الجنسية الأمريكية أم لا.

وفي سياق متصل، نقلت البرقية عن أبو سعدة قوله للسفارة إنه يجري "مناقشات حاليا مع السفارة الهولندية في القاهرة للحصول على تمويل مشروع لمراقبة الانتخابات البرلمانية".

وقالت البرقية: "أدلى أبو سعدة بملاحظة أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تقبل بشكل روتيني تمويلات من أوروبا، ومن الوقف القومي الأمريكي للديمقراطية. وقال إنه من المعتاد ألا تحصل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان على موافقة من الوزارة لكنها كانت أول مرة تتلقى خطابا يذكر المنظمة بحق الوزارة للتضامن الاجتماعي في حلها...وأبدى اندهاشه من أن الحكومة المصرية أرسلت للمنظمة المصرية هذا الخطاب قبل زيارة مبارك المزمعة إلى واشنطن".

يأتي هذا الكشف في وقت تشهد فيه مصر حاليا سجالا حول ولاء منظمات وأفراد المجتمع المدني الذين تدعمهم واشنطن في مصر في فترة ما بعد الثورة وتلقيهم أنواعا من الدعم سواء كان ماليا أو عينيا أو سياسيا. وتفجر الجدل بعد انكشاف عدة لقاءات غير معلنة بين شخصيات اعتبارية مصرية ومسئولين أجانب تناولت الأوضاع في مصر مثَّل الكشف عنها مؤخرا صدمة لكثير من المصريين.

يذكر أن جنديا أمريكيا خدم في العراق سرب إلى موقع ويكيليكس الذي يروج للشفافية في السياسة الدولية بين شهري نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2009 ومايو /آيار عام 2010 وثائق عسكرية أمريكية سرية عن حربي العراق وأفغانستان، إضافة إلى 260 ألف من برقيات وزارة الخارجية الأمريكية شمل بعضها كثيرا من الأسرار عن صلات ولقاءات غير معلنة لمصريين مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا وتحدثت برقيات أخرى عن مدى تغلغل النفوذ الأمريكي في مصر والذي شمل مناحي كثيرة في الحياة عبر منظمات المجتمع المدني نتيجة التمويل الأمريكي الذي يقدم لها.
المصدر محيط

ليست هناك تعليقات: