الأحد، ١٣ يونيو ٢٠١٠

خلال تظاهرة أمام مقر وزارة العدل.. الأمن يعتقل 40 من المحتجين على مصرع شاب الإسكندرية والنائب العام يحيل ملف التحقيقات للاستئناف

لا تزال تداعيات واقعة مصرع الشاب خالد سعيد بمنطقة سيدي جابر بالإسكندرية، والمتهم فيها عدد من أفراد الشرطة هناك تتوالى، ففيما احتجزت الشرطة ما لا يقل عن 40 من المتظاهرين أمام مبنى وزارة العدل بوسط القاهرة احتجاجا على مقتل الشاب، أمر النائب العام المستشار عبد المجيد محمود أمس بإحالة ملف التحقيقات الخاص بالواقعة إلى نيابة استئناف الإسكندرية لاستكمال التحقيقات.

وذكرت وكالة "رويترز" أن المتظاهرين وهم ينتمون لحركة "شباب 6 أبريل" وحركة "كفاية" و"الجمعية الوطنية للتغيير" والذين وصل عددهم إلى مائتين وزعوا بيانًا حمل اتهامات وزارة الداخلية بتلفيق الادعاءات حول وفاة الشاب متأثرًا بابتلاعه لفافة بانجو.

وجاء فيه: "لفقت الداخلية حكاية مفادها أن خالد مات مختنقا نتيجة ابتلاعه باكتة بانجو كاملة لكن الجمجمة المهشمة والفك المخلوع والأنف المكسورة والكدمات والجروح وآثار الجريمة وشهادة الشهود كانت كلها تحكي حكاية أخرى"، وأضاف البيان "آن الأوان أن نقف معا لنقول إننا سئمنا الإهانة والتعذيب وهدر الكرامة".

وأضافت الوكالة أن مندوبا شهد ضابطات شرطة يلقين القبض على ناشطة بينما زميلاتها يصرخن، وحاول عدد من النشطاء تخليص الناشطة لكن الشرطة التي كانت تفرض طوقا أمنيا محكما ألقت القبض عليهم.

وقال الشاهد إن الشرطة أوسعت من ألقت القبض عليهم من الرجال ضربا، وأضاف أن قميص أحد من ألقي القبض عليهم تمزق بينما تمزق قميص صحفي خلال محاولته منع الشرطة من الاستيلاء على آلتي تصوير كانتا بحوزته.

وفي وقت متزامن يوم الأحد نظم نحو مائتين من النشطاء مظاهرة احتجاج في مدينة الإسكندرية لكن الشرطة لم تلق القبض على أحد منهم.

في غضون ذلك، أمر النائب العام أمس بإحالة ملف التحقيقات الخاص بالواقعة إلى نيابة استئناف الإسكندرية لاستكمال التحقيقات، وبسؤال أهله في أسباب الطلب المقدم منهم بشأن ندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي للنظر في تقرير التشريح وذلك للوقوف على حقيقة الواقعة والتصرف على ضوء ما يظهر في نهاية التحقيقات وفقا لأحكام القانون.

وتسلمت النيابة العامة الأحد تقرير الطب الشرعي الخاص بتوقيع الكشف علي جثة خالد سعيد الذي أكد أن الشاب توفي نتيجة اسفكسيا الخنق بعد أن انحشرت لفافة البانجو في قصبته الهوائية.

كانت التحقيقات التي أشرف عليها المحامي العام لنيابات شرق الإسكندرية قد أكدت أن المتوفي مسجل جنائيا فئة (ج) وهارب من حكم جنائية وسبق اتهامه في عدة قضايا.

وذكرت التحقيقات أنه كان بحيازته لفافة لمخدر البانجو بقصد التعاطي، وعندما شاهد أحد رجال الشرطة المعينين لمتابعة الحالة الأمنية بمنطقة سيدي جابر وسط الإسكندرية، لاذ بالفرار وابتلع لفافة البانجو خشية ضبطتها معه، إلا أنها انحشرت في قصبته الهوائية ولفظ أنفاسه نتيجة اسفكسيا الخنق!

وكان مصدر أمنى قد نفى السبت ما نشرته بعض وسائل الاعلام بأن رجال شرطة سريين قد تعدوا على خالد صبحى وتسببوا فى وفاته.

بدورها، تؤكد منظمات حقوق الإنسان على أن وفاة الشاب جاءت نتيجة تعرضه للتعذيب على يد الشرطة خلال جلوسه في أحد مقاهي الإنترنت يوم الأحد الماضي.

وأدانت جمعية أنصار حقوق الإنسان بالإسكندرية ما وصفته بالاعتداء الإجرامى المواطن خالد سعيد قاسم (28 سنة) وترويع المواطنين، مطالبة بمحاكمة سريعة للمتهمين، ومحذرة من أن استمرار هذه البلطجة من جانب بعض رجال جهاز الشرطة هو الذي يشوه وجه مصر ويهدد أمن الوطن واستقراره وينشر الإرهاب والتطرف.

وروت الجمعية ما عندها بالنسبة للحادثة، مؤكدة أنه أثناء وجود المواطن المذكور في أحد محلات الانترنت بمنطقة كليوباترا، دخل اثنان من المخبرين من قسم سيدي جابر –هما محمود الفلاح وعوض محمد - إلى المحل تحت ذريعة تفتيش بعض الموجودين، ومارسوا عملهم بطريقة استفزازية، واحتكوا بالمواطن المذكور واقتادوه إلى خارج المحل، واعتدوا عليه اعتداء وحشيا أدى إلى وفاته يوم 9 يونيو 2010، وللتغطية على جريمتهم الشنعاء حاولوا استدعاء الإسعاف، والتي رفضت نقله بعدما تبين لها وفاته.

وتأتى هذه الجريمة المؤسفة - كما ترى الجمعية - لتؤكد من جديد أن التعذيب والاعتداء البدني هي ممارسات منهجية لجهاز الشرطة، وليست جريمة أفراد فيه، وهو الأمر الذي سجلته منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، بل ومجلس مناهضة التعذيب التابع للأمم المتحدة.

وأضافت: ومما يؤسف له تفاقم ظاهرة الاعتداءات الإجرامية للشرطة على المتهمين- بل وأحيانا المواطنين العاديين ممن ساقهم الحظ العاثر إلى مراكز الشرطة لسبب أو لأخر، ويرجع ذلك إلى تقاعس جهاز الشرطة عن محاسبة تابعيه، بل وأحيانا محاولة طمس الأدلة التي تدينهم، أو حمايتهم من أن تطالبهم يد العدالة، أو اختلاق وقائع لا ظل لها من الحقيقة لإبعاد الاتهام عن جهاز الشرطة وتضليل العدالة.

من ناحيته، أعرب المعهد المصري الديمقراطي عن خوفه وقلقه البالغين من تراكم وازدياد الشعور العام بين المواطنين المصريين من أن جهاز الشرطة المصري قد أصبح بعيدا كل البعد عن تنفيذ دوره المنوط به والذي وجد من أجله ألا وهو حفظ أمن وأمان المواطن.

واعتبر أن الحادث المأساوي المتعمد ضد المواطن خالد سعيد قاسم على يد أفراد شرطة من قسم شرطة سيدي جابر تم بواسطة مؤسسة سيادية - لها مهمة دستورية محددة هي حماية الوطن - وهو شئ يستحق التوقف عنده بكل معاني الاستهجان والاستنكار.



وتساءل: حتى وإن كان خالد محمد سعيد مجرما معتاد الإجرام، كما أشارت النيابة وعلى عكس ما أكد كافة جيران المجني عليه وأهل منطقته، فهل يكون ذلك مبررا لتعذيبه حتى القتل؟

وطالب بإخضاع وزير الداخلية إلى محاسبة سياسية وقانونية على ما اقترفه رجاله في حق المواطنين المصريين، مشيرا إلى أنه وإن كان اللواء حبيب العادلى قد تولى منصب وزير الداخلية عقب مذبحة الأقصر التي راح ضحيتها عدد كبير من الأبرياء فإن هذا لا يبرر إبقاء القيادة السياسية عليه كوزير للداخلية لأكثر من 13 عام برغم كافة الأحداث التي حدثت في عهده، ابتداءا من التفجيرات الإرهابية مرورا بانخفاض مستوى الأمن السياسي وأمن الشارع وليس انتهاء بحوادث التعذيب وانتهاك الكرامة اليومية على يد جهاز الشرطة والأحداث الطائفية التي تورط بها بعض القيادات الأمنية.

كما طالب بحل ما أسماه بـ "جهاز البوليس السياسي في نسخته الجديدة"، وهى جهاز مباحث أمن الدولة، لان أمن مصر هو أمن مواطنيها وليس أمن الحزب الحاكم ورجالاته، وقال إن المعهد يدق ناقوس خطر السخط و الغضب الشعبي والمدني من جهاز الأمن المصري وتجاوزاته وخطورة حالة انعدام الثقة بين المواطنين وجهاز الشرطة.

ليست هناك تعليقات: