السبت، ٥ فبراير ٢٠١١

بشاير الثورة


تضاربت الأنباء حول تخلي الرئيس حسني مبارك عن رئاسته للحزب "الوطني" في خطوة أعقبت استقالة أعضاء هيئة مكتب الحزب جميعهم، جراء الانتفاضة الشعبية والاحتجاجات الغاضبة التي تدخل يومها الثاني عشر على التوالي.

وأكد الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام، عضو لجنة "السياسات" بالحزب "الوطني" في تصريحات لفضائية "العربية" أمس السبت استقالة مبارك من رئاسة الحزب، لكن وزير الإعلام أنس الفقي نفى هذا الأمر، وأكد استمرار الرئيس في منصبه كرئيس للحزب الحاكم.

وتقدمت هيئة مكتب الحزب الحاكم باستقالتها للرئيس مبارك، رئيس الحزب بشكل يفضي إلى إقصاء أبرز رموز "الحرس القديم" داخل الحزب وفي مقدمتهم صفوت الشريف الأمين العام للحزب والدكتور زكريا عزمي الأمين العام المساعد للشئون المالية والإدارية والتنظيم، إضافة إلى جمال مبارك أمين "السياسات".

وتضم قائمة أعضاء المكتب المستقيلين الدكتور مفيد شهاب الأمين العام المساعد للشئون القانونية والمستشار ماجد الشربينى أمين التنظيم، والذي تم تعينه مؤقتًا بعد استقالة المهندس أحمد عز والدكتور على الدين هلال أمين الإعلام.

وخلف الدكتور حسام بدراوي، صفوت الشريف الأمين العام للحزب وجمال مبارك أمين السياسات بتعيينه أمينًا عامًا للحزب وأميناً للمجلس الأعلى للسياسات، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي عبر الدفع بالوجوه الإصلاحية في صدارة الحزب.

وفي سياق متصل، أعلن الدكتور مصطفى الفقي، عضو مجلس الشورى استقالته من الحزب "الوطني"، وقال في تصريحات بقناة "العربية": أعفى نفسى من عضوية الحزب مع كامل احترامى لقيادته".

وأضاف الفقي، أن الحزب اكتسب سمعة سيئة بين أطياف الشعب المصرى فى الفترة الأخيرة، تمثلت فى إحراق مقراته أثناء التظاهرات. لكنه قال إن خبر استقالة مبارك من رئاسة الحزب لم يتأكد بعد، وإن أعرب عن أمله في أن يعلن ذلك ويؤكده، إعمالا لمبدأ المساواة بين القوى السياسية.

وأعلن الفقي رئيس للجنة الشئون العربية والأمن القومى بمجلس الشورى، أن انتخابات مجلس الشعب التى خاضها عام 2005 تركت فى نفسه جرحًا كبيرًا، جعله يعيد حساباته فى علاقته بالحزب "الوطني".

وكان الفقي، خاص هذه الانتخابات أمام الدكتور جمال حشمت مرشح "الإخوان المسلمين"، وقد أعلن نجاحه على حساب الأخير الأمر الذي فجر أنذاك جدلا واسعا خاصة مع إدلاء المستشارة نهى الزيني بشهادة أكدت فيها تزوير الانتخابات لصالحه، لكنه نفى ذلك وقال إنه نجح بأصوات الناخبين.

وأثارت حركة التغييرات في هرمية الحزب الحاكم ردود فعل قللت في مجملها من تلك التغييرات، ورأت أن تلك التطورات مؤشر قوي على انهيار النظام الحاكم وحزبه واندلاع الصراعات والحروب بين الأجنحة المختلفة داخل النظام والحزب الحاكم.

وأكد الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء والقيادى في الحزب "الوطني" في تصريح لـ "المصريون" أنه سبق وأن طالب بإزاحة أعضاء هيئة المكتب قبل أن تندلع "الثورة المباركة" التى يقودها الشباب بسبب مسئوليتها عن "التزوير الفاضح" للانتخابات البرلمانية والانسداد السياسي الذى تعيشه مصر خاصة وأنهم تصرفوا وكأن مصر عزبة ورثوها, على حد قوله.

واتهم السيد الذي أخفق في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قادة الحزب "الوطني" بأنهم "أفسدوا الحياة السياسية ويتحملون مسئولية الحالة التى وصلنا إليها اليوم", وطالب بأن لا يقف الأمر عند هذا الخطوة وأن يقوم الرئيس مبارك بتقديم استقالته هو أيضا من رئاسة الحزب، وأن يتم وضع نص فى الدستور عند تعديله يؤكد عدم جواز الجمع بين رئاسة الحزب ورئاسة الجمهورية حتى نضمن وإلى الأبد عدم تكرار نظام الحزب الواحد الذى يسيطر على كل شئ فى البلاد ويستغل ويسخر إمكانات الدولة لحسابه.

واعتبر أن ما حدث هو خطوة تشير إلى مصر فى طريقها للتغيير الشامل وانهيار النظام الحالى الذى جثم على صدر مصر لعدة عقود وبداية ميلاد نظام جديد, وأعرب عن أمله أن يقف الأمر عند انهيار النظام الحاكم وأن لا تنهار الدولة المصرية, وأن يجني المصريون ثمار ثورتهم بأن يأتي نظام جديد يسهر على بناء وتعمير ما خربه ودمره هذا النظام، وأن يتم وضع دستور جديد لمصر وإقرار الضمانات القانونية اللازمة لإجراء انتخابات نزيهة، وأن يتم الاستجابة لكل المطالب التي نادى بها الشباب في ثورتهم.

وأعرب السيد عن اعتقاده بأن سطوة وسيطرة الحزب "الوطني" ستنتهى إلى الأبد، وسيكون مثله مثل غيره من الأحزاب الموجودة على الساحة السياسية وأن ما كان يحدث فى الماضي لن يعود مرة أخرى.

من جهته، وصف مجدي أحمد حسين أمين عام حزب "العمل" ما يحدث حاليا بأنه انهيار حقيقى في بنية النظام إلا أنه قال أن هذا لا يرضي طموحات ومطالب الثورة التى تطالب بإسقاط النظام بالكامل وعلى رأسه حسنى مبارك.

وقال إن ما حدث أمس من إبعاد لهيئة مكتب الحزب "الوطني" لو كان حدث منذ شهور قليلة كان سيلقى ترحيبا من الشعب، أما الأن فلم تعد لعمليات التجميل والترقيع تجدى فى ظل المطالب التى يرفعها الثائرون.

وأشار إلى أن ما وصفها بـ "الأجنحة المتصارعة داخل النظام الحاكم والحزب الوطني يتقاتلون الأن ويحاول كل جناح أن ينجو بنفسه ويفر أمام الطوفان الشعبي ويلقي بالمسئولية على الجناح الآخر".

وأكد أن الكرة الآن في ملعب الجيش الذى يجب أن يتخلى عن مبارك، وأثنى على موقف الجيش بعد أن تعهد بعدم إطلاق النار على الشعب، وأعرب عن اعتقاده بأن مبارك قد حزم حقائيه ويمكن أن نسمع خبر رحيله فى أية لحظة.

فيما رأى الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد" أن استقالة هيئة مكتب الحزب "الوطني" هي بداية النهاية للنظام الحاكم وحزبه الذى جثم على صدر مصر طوال العقود الماضية.

وأعرب عن توقعه بأن الحزب سيشهد تفككا وانهيارا كاملا فى الفترة القادمة خاصة وأنه لم يكن حزبا سياسيا بالمعنى المتعارف عليه وإنما كان مجموعة من أصحاب المصالح, على حد تعبيره.

وشدد على ضرورة محاكمة قيادات الحزب على ما ارتكبوه من جرائم لحق مصر وشعبها وإفسادهم للحياة السياسية والحزبية, واعتبر أن ما قام به النظام الحاكم من خطوات هي محاولة للالتفاف على مطالب الجماهير وخداعهم، خاصة وأن لم يحدث أية استجابة فعلية للمطالب التى رفعها الشباب الثائرون.

بينما وصف حسين إبراهيم النائب السابق بمجلس الشعب النظام الحاكم بأنه قد مات وأن القرارات والإجراءات التى يقوم بها حاليا مجرد محاولات يائسة لإحياء هذا الميت.

وطالب رئيس مكتب الإخوان بالإسكندرية بمحاكمة جميع قيادات الحزب "الوطني" على دورهم فى تخريب مصر وسرقتها ونهب ثرواتها واسترداد ما نهبوه من ثروات البلاد, وشدد على أن الشعب قادر على إجبار الجميع على الأنصياع لمطالبه وتنفيذ ما يريد.

بدوره وقال الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن إقصاء رموز الحزب الحاكم لن يفضي إلي شيء ذي قيمة، ولن يفلح في امتصاص الغضب الشعبي.

ورأى أن هذه الخطوة لو اتخذت مساء الجمعة قبل الماضي "لاعتبرنا أن هناك جدية لدى مبارك للإصلاح"، بعدما وصف هذه الخطوة بأنها "تجميلية وتهدف في المقام الأول لإبقاء سيطرة الحزب الحاكم علي الأوضاع السياسية عبر وجوه جديدة قد لا تستطيع أن تفعل شيئا ذا قيمة".

من جهته، اعتبر المستشار أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى التغييرات التي جرت أخيرا على هيكلية قيادة الحزب "الوطني" تعكس ردة فعل على نجاح الثورة الشعبية التي تشهدها مصر منذ الأسبوع قبل الماضي للضغط على الرئيس حسني مبارك من أجل التخلي عن الحكم.

وأضاف في تصريحات عبر الهاتف لفضائية "الجزيرة" "نحن كنا أمام نظام شديد التخلف وإعلان خروج نجله جمال مبارك من الحزب "الوطني"، واختيار حسام بدراوي وهو من الإصلاحيين لقيادة الحزب معناه قوة ما فعلته "ثورة التغيير" التي أسقطت النظام على الرغم من أنه لا يزال الرئيس مبارك في السلطة".

وتابع "أرى أنه يجب الاستجابة الفورية لطلبات الثورة بأن يحل البرلمان المزور وتجرى انتخابات صحيحة وحرة، وأن يقود هو (أي الرئيس حسني مبارك) هذه الثورة الشعبية التي هي بلا قائد كي لا يقفز عليها أحد الذين ليس لهم شرعية".

واستدرك قائلا: "على الرئيس أن يسلم بالأمر الواقع وأن يحمي الثورة ويتبناها ويتزعمها لو أراد أن يكسب هؤلاء الثوار الذين حركوا الناس لثورة شعبية"، وأشار إلى أنه "من الممكن إسقاط الدستور بكلمة وهو أن يبدأ في وضع دستور الآن من خلال لجنة تشكل من الدستوريين".

وقال مكي وهو أحد رموز "تيار الاستقلال" بنادي القضاة، إن "على مبارك أن يتحرك ويستجيب، لأنه الآن أدرك أن شعبه ليس ضعيفا، والعند لن يجدي مع الشعب، وعليه أن يعرف أن نظام كان قمة في التخلف أن يؤسس برلمانا مزيفا بعد أن وعد الشعب بالنزاهة فعليه أن يزيل بيده كل الأذى الذي لحق بالشعب".

بدوره أكد المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، أن المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير لن يبرحوا أماكنهم حتى رحيل مبارك من السلطة.

واعتبر أن "شرعية النظام سقطت بالفعل يوم 25 يناير، وأن إحلال حسام بدراوي محل جمال مبارك معناه أن مبارك لا يزال متشبثا بالحكم، ورأى أن هذه التنازلات أيضًا جاءت متأخرة جدًا.

وأكد أن مصر منذ 25 يناير في ثوبها الجديد، مشيدا بتمسك المحتجين بمطالبهم حتى النهاية، مضيفا "لم أر إصرارًا في حياتي، كما رأيته في شباب ميدان التحرير فهنا مصر تتحدث عن نفسها وعن حضارتها وعظمتها، فهم لديهم إصرار وإرادة لم أرها في أي مكان في العالم رغم الظروف الصعبة التي تحيط بهم من بلطجية النظام وظروف الطقس السيئة إلا أنهم خير جنود الأرض".

وحول فض الجيش للمظاهرات نفى ذلك، وقال: "الجيش لم يفض المظاهرات ولواءات الجيش جاءوا ليقنعوا المعتصمين بالمحافظة على مصر وألا يسمحوا لقوى خارجية بأن تؤثر عليهم وتستغلهم في أغراض تضر بمصالح مصر، والجيش على الحياد تمامًا ولم يفض الاعتصام بل يحمي المتظاهرين".

ليست هناك تعليقات: