السبت، ١١ ديسمبر ٢٠١٠

اعتبر ما جرى في الانتخابات مؤشرًا على "التوريث".. طارق البشري: مصر غرقت وتحتاج لمن ينقذها.. والبرادعي وحده لن يحقق تطلعات المصريين


انتقد المستشار طارق البشري، النائب الأول السابق لرئيس مجلس الدولة، مشاركة حزب "الوفد" و"الإخوان المسلمين" في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة قبل أن يعلنا عن مقاطعتهما لها في جولة الإعادة، في ضوء التجاوزات التي شهدتها الجولة الأولى من الانتخابات.

وقال إنه كان ينبغي عليهما منذ البداية التعاطي بإيجابية مع دعوات المقاطعة التي تبنتها "الجمعية الوطنية للتغيير" وبعض قوى المعارضة، فجميع المؤشرات كانت تسير في إطار سعي النظام لتزوير الانتخابات وتكريس هيمنته علي السلطة، لكنهما لم يتوقعا أن تكون التجاوزات بهذه الفجاجة، على حد تعبيره.

وأشار البشري في تصريحات خاصة لـ "المصريون" إلى أن هذا ما جعل "الوفد" و"الإخوان" يقرران الانسحاب في جولة الإعادة، لكي لا تسهم مشاركتهما في إسباغ نوع من الشرعية على الانتخابات، غير أن هذه الخطوة وعلى الرغم من أهميتها لم تؤد إلى إرباك النظام بالشكل المتوقع، خاصة مع تراجع وتيرة الضغوط الأمريكية فيما يخص الإصلاح.

ورأى أن النظام الحاكم أراد من خلال ما حصل توجيه رسالة إلى القوى السياسية؛ مفادها أنه ماضي في طريقه ولن يعبأ بأي شئ، وأن المعارضة والإصلاح والشرعية تعد بالنسبة له قضايا ثانوية لن يضعها في اعتباره، فهو يرغب وجود مجلس شعب مستقر من أجل تمرير عدد من السيناريوهات خلال المرحلة المقبلة دون إزعاج من جانب نواب المعارضة أو المستقلين أو "الإخوان".

وأعرب البشري عن اعتقاده بأن هيمنة الحزب "الوطني" على مجلس الشعب بهذا الشكل، لا معنى لها سوى الرغبة الواضحة في تمرير "سيناريو التوريث"، هذا السيناريو القائم منذ مدة طويلة والذي حان الوقت ليرى النور ويتم تنفيذه بشكل هادئ بعيدا عن أي معارضة قد يواجهها بعد إزاحة المعارضة واختيار برلمان دون أنياب.

وحول تقييمه لإدارة الحزب "الوطني" حلال الانتخابات الأخيرة، ويما يتردد عن إدارته من فريق لا يتمتع بالخبرة السياسية، قال "لا أعتقد أن هناك فارقا ذا قيمة بين تيار الشيوخ أو ما يطلق عليه الحرس القديم، أو تيار الشباب داخل الحزب الحاكم فكلاهما من معين واحد ولا هدف لديهما سوى احتكار السلطة والقضاء علي مؤسسات الدولة والسيطرة علي مفاصل القرار السياسي والاقتصادي والأمني؛ لذا فتمرير الانتخابات بهذا الشكل شهد توافقا داخل جميع مؤسسات الحزب ومن الصعب تحميل أحد التيارات مسئوليته بالكامل"، وفق رؤيته.

لكن ذلك لم يمنع البشري من توجيه الانتقادات للمعارضة، والتي يرى أنها لم تستطع حتى الآن أن تثبت وجودها بشكل عملي، بل كان ظهورها الإعلامي يفوق بكثير وجودها داخل الشارع السياسي، أو إمكانية أن تشكل قوة ضغط على النظام حتى يتعاطى مع مطالب الإصلاح.

ورأى أن الانتخابات الأخيرة كرست من حالة الانقسام داخل صفوف المعارضة، بعد أن فضل بعضها الانسحاب من خوض الجولة الثانية، فيما آثر البعض الآخر استمرار المشاركة، واستدرك قائلا: "لذا لا أعتقد أن المعارضة بوضعها الحالي قادرة علي ممارسة أي ضغوط حقيقية علي النظام أو حثه علي الالتفات إلى مطالبها وهو وضع مرشح للاستمرار حتى إشعار آخر".

وعن غياب دور الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الانتخابات واكتفائه بالدعوة للمقاطعة، طالب البشري بألا "نحمل البرادعي أكثر من طاقته في ظل افتقاده لتنظيم قوي يسانده ويرعى مشروعه، لذا فأعتقد أن الرهان علي البرادعي كان يعكس أماني البعض أكبر من كونه واقعا".

وحذر البشري من خطورة الوضع الراهن في مصر، قائلا بمرارة إن "مصر غرقت وتحتاج لمن ينقذها، وهناك إدراك بأن الحكومة لا تعرف كيف تحكم ولا تعرف كيف تدير هذا المجتمع الذي أصبح مع تعدد أزماته ومشاكله يفوق إمكانيات هذه الحكومة".

فيما قال إن المعارضة لا تملك وسائل أو طرق تعرف بموجبها كيف تجبر النظام على تبني إصلاحات أو كيفية الوصول للحكم، وفي ظل وضع كهذا يصعب تحديد وجهة مصر التي غرقت في خضم الأزمات دون أن تبحث أو تدرك ماهيات الإنقاذ، على حد قوله.

ليست هناك تعليقات: