الثلاثاء، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٠

بلد آيلة للسقوط

محمود سلطان 20-12-2010 23:20

يوم أمس الأول وفي مؤتمر " تفعيل البعد المحلي في التنمية الاقتصادية"، والذي عقد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قُدم تقرير حديث عن "صنودق تطوير العشوائيات" كشف عن وجود مليون مصري يعيشون في مساكن آيلة للسقوط !
هذا هو الرقم الرسمي الذي تعلنه الحكومة.. وهو ـ في واقع الحال ـ لا يقول الحقيقة إذ عادة ما يقرر أوضاع المناطق التي على شفا الانهيار الكامل وتعيش أوضاعا إنسانية تعفها الحيوانات قبل البشر.
التقارير الأخرى غير الحكومية والتي تسجلها الهيئات الأجنبية العاملة في مجال الإغاثة، تحتفظ بأرقام مفزعة، وفي تقديراتها ـ التي حصلت عليها من الرصد الميداني وفق المعايير الدولية ـ فإن ما يقرب من ربع الشعب المصري يعيش في مساكن آيلة للسقوط، وفي هذا الاطار تقول هيئة المعونة الفنية الألمانية، إن ما يقرب من 20 مليون مصري تستظلهم بيوت غير آمنة، وهي الدراسة التي قدمت للحكومة المصرية منذ ما يقرب من 15 عاما، كان مصيرها "الركن" في أرشيف الحكومات المصرية المتعاقبة، على نحو ما كشفته تقارير صحفية نشرت يوم أمس.
صندوق تطوير العشوائيات ـ وهو جهة حكومية تابعة لمجلس الوزراء ـ كشف عن آخر الاحصائيات عام 2010 والتي تقول إن في مصر اليوم، ما يقرب من ربع مليون وحدة سكنية آيلة للسقوط!
وإذا اعتمدنا على تلك التقارير الرسمية فقط فإن البلد حال تعرضها لأية كارثة طبيعية ـ لا قدر الله ـ فإن الضحايا سيكونوا بعشرات الألوف ما بين قتيل ومفقود ومشرد، وإذا قسنا على التقارير الغربية ـ مثل تقرير هيئة المعونة الألمانية ـ فإن الضحايا سيكونوا بالملايين!
الدولة ـ إذن ـ كما هو واضح من كسلها وتثاؤبها، غير مكترثة بخطورة الوضع ومأساوية العشوائيات المنتشرة في كل محافظات مصر، ولم تدرك حتى اليوم، أن ثلث البلد تقريبا عرضة للتدمير الكامل حال تعرضت لأي هزة طبيعية مفاجئة.
الدولة ـ في صيغتها المالية الطفيلية الحالية ـ لم تعد تعبأ إلا لـ"مزاج" الأغنياء وراحتهم.. ترى في المنتجعات المخملية والقصور في التجمعات الجديدة، والبعيدة والمتعالية على مدن الصفيح والعشوائيات، طوق النجاة لأصحاب الملايين الذين انتفخت جيوبهم وكروشهم في محاضن نظامها البيروقراطي والإداري الفاسد.. لم تعبأ إلا بهؤلاء فهم وحدهم ـ بحسب منطقها الاستغلالي المتوحش ـ لهم حق النجاة والحياة.. أما غيرهم من فقراء المصريين فلا يستحقون إلا الدفن أحياء تحت ركام عقارات لا تصلح سكنا للبهائم.
almesryoonmahmod@gmail.com

ليست هناك تعليقات: