الاثنين، ١٧ يناير ٢٠١١

استنفار حكومي وبرلماني لبحث شكوى "بوعزيزي مصر" وتلبية مطالبه

فى تطور ينذر بانتقال عدوى ثورة الشارع التونسي إلى مصر، أشعل صاحب مطعم بالإسماعيلية النار في نفسه أمام مجلس الشعب صباح أمس، وهو يردد هتافات ضد "أمن الدولة"، وذلك على طريقة الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في نفسه في ديسمبر الماضي مفجرًا احتجاجات شعبية عارمة في أنحاء تونس أدت إلى الإطاحة بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وحدثت الواقعة في التاسعة صباحا أمام مجلس الشعب، حين تفاجئ حراس المجلس بإقدام عبده عبد المنعم جعفر (48 عاما) وهو صاحب مطعم بمدينة القنطرة غرب بالإسماعيلية بسكب البنزين على نفسه وأشعل النار وارتمى على الأرض.

وأضاف الشهود إن الرجل بدا للحراس في بادئ الأمر كما لو كان جاء للاعتصام أمام المجلس وإن أربعة ضباط حاولوا إبعاده من المكان، وبعد أن أبعدوه أشعل النار فى نفسه. وذكر أحد الشهود أن الرجل كان يردد هتافا يقول "أمن الدولة يا أمن الدولة حقي ضايع جوا الدولة.

وسارع سائق سيارة أجرة تصادف وجوده وحراس المجلس إلى استخدام طفايات حريق لإخماد النيران التي اشتعلت بالرجل وقامت سيارة إسعاف بنقل الرجل إلى مستشفى المنيرة، وقد انتقل اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية فور إبلاغه بالحادث، وطلب منع الصحفيين المتواجدين حول المستشفى من الدخول أو تصوير الشاب.

وأكد الرجل في أقواله خلال التحقيقات التي أجراها معه فريق من محققى نيابة السيدة زينب بالمستشفى، أن إقدامه على إضرام النار في نفسه جاء تعبيرا عن احتجاجه على شعوره بالتعرض لتعسف واضطهاد من جانب المسئولين بالوحدة المحلية بحي القنطرة وبمشروع الخبز المدعم، بعد أن رفضوا منحه حصة من الخبز للمطعم الصغير الذى يحصل منه على قوته وقوت أولاده.

وأشار الى أنه أقدم على تلك الخطوة بعد أن فشلت كافة سبل تفاوضه من أجل الحصول على الخبز ولكى يلفت نظر المعنيين للاهتمام بقضيته، موضحا أنه حمل معه جركن بنزين وقام بإشعال النيران في نفسه امام مجلس الشعب لكن أحد سائقي السيارات قام بإنقاذه باستخدام طفاية الحريق الخاصة بالسيارة التى كان يستقلها.

وقام أعضاء لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب بزيارته بالمستشفى، للاطمئنان على صحته والاستماع إلى شكواه بناء على تكليف من الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس، والذى اعتبر أن المواطن قام بفعله هادفا إبلاغ شكواه إلى المجلس.

وكان سرور كلف رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بالمجلس بالاستماع إلى عبد المنعم ومعرفة شكواه والاطمئنان على صحته.

وقال مجلس الشعب في بيان أصدره أمس حول الواقعة، إن عبد المنعم وقف صباح أمس بمنتصف شارع مجلس الشعب بالقرب من وزارة الزراعة، وأخذ يصيح بعبارات غير مفهومة، ثم سكب بعض البنزين بأرض الشارع وعلى جزء من ملابسه.

وأضاف: عندما اقترب أحد ضباط أمن المجلس منه لمعرفة شكواه سارع بإشعال النار بالبنزين المسكوب فأمسكت النيران بملابسه، وقام الضابط وأحد سائقي السيارات الأجرة الذي تصادف تواجده بالمكان سارع بإطفاء النار المشتعلة بملابسه وفب خلال دقائق معدودة قامت سيارة وزارة الصحة بنقلة إلى المستشفى، حيث تبين إصابته بحروق سطحية بلغت نسبتها 15% فى منطقة اليد والرقبة ويجرى علاجه بالمستشفى، وقد ردد أن له شكوى لدى بعض الجهات.

من جانبه، وصف الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الحادث بأنه "حادث بسيط"، وقال إنه وقع في الساعة التاسعة والثلث صباح أمس حين قام المواطن عبده عبد المنعم كمال بإشعال النار في نفسه فجأة وهو يتحدث مع أمن وزارة الصحة.

وأكد الوزير أمام أعضاء مجلس الشورى أمس أن حالة المصاب مستقرة وحروقه سطحية بنسبة 15% في منطقة اليد والرقبة وسوف يغادر المستشفى خلال 48 ساعة، وأضاف أن المواطن أعرب عن أسفه له لما سببه من قلق، وأشاد بسرعة نقله لسيارة إسعاف الوزارة.

لكن النواب تعالت صيحاتهم غضبا مطالبين الوزير بمزيد من المعلومات حول أسباب الحادث، فيما حاول صفوت الشريف رئيس المجلس السيطرة على غضب النواب، قائلا إن الوزير يتحدث من خلال ما لديه من معلومات وليست وزارة الصحة جهة اختصاص.

وعندما طلب الشريف من الوزير مزيدا من المعلومات، قال الجبلي إنه ربما يكون لدى المواطن مشكلة ما مع جهة إدارية في مدينة القنطرة وليس عندي تفسير ولا أسباب ولست جهة اختصاص.

وعاد الشريف ليؤكد أن "وزارة الصحة ليست جهة تحقيق ويجب أن نتعامل مع الحادث في حجمه وربما كان للمواطن مشكلة في صرف الخبز لمطعم يمتلكه في القنطرة، ولكن ليس هناك ما يستحق أن يناقشه مجلس الشورى لأنه ليس لدينا معلومات".

من ناحيته، أعلن الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أن الحكومة تتعهد أمام مجلس الشورى بأن توافيه بأي معلومات تتوصل إليها أجهزة التحقيق حول الأسباب والتفاصيل، لكن لا يجب أن نناقش استنتاجات وأقاويل وفقط نناقش الحقائق عندما تعلنها أجهزة التحقيق.

وأضاف: أخطر شيء أن نستبق الأحداث ونستنتج استنتاجات ونبني عليها نتائج، ولا يمكن لنا هنا أن نناقش مجرد كلام يقال هنا أو هناك، لابد من الانتظار ومعرفة الأسباب والتفاصيل بعد انتهاء التحقيق.

ويبدو أن كلام شهاب لم يكن مرضيا أيضا لأعضاء مجلس الشورى فالتقط الشريف الكلمة، وقال يبدو إن المواطن لديه مشكلة وإن جهة ما تعنتت معه ولابد للحكومة أن تحاسب المتعنتين، ولابد للمواطن أن يأخذ حقه كاملا إن كان صاحب حق.

وكان الدكتور محمد رجب ممثل الأغلبية بمجلس الشورى طلب من الحكومة إيضاح ما حدث حول إشعال مواطن النار في نفسه في شارع مجلس الشعب. وطلب رئيس المجلس من وزير الصحة إلقاء بيان حول الحادث، باعتبار أن الحادث وقع أمام وزارة الصحة.

يذكر أن الشاب التونسي محمد بو عزيزي بائع الخضار المتجول بولاية سيدي بوزيد وسط غرب تونس كان قد أشعل النار فى نفسه فى 17 ديسمبر الماضي لمصادرة الشرطة عربته التي يتكسب منها، وقد توفى في وقت لاحق، وقد أشعل الحادث ثورة غضب بالشارع التونسي انتهت برحيل الرئيس زين العابدين بن علي.

صلاح الدين أحمد (المصريون

ليست هناك تعليقات: