الاثنين، ٢ مارس ٢٠٠٩

مؤتمر شرم الشيخ .. نتائج معلقة !

بدا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مختالا بنفسه كثيرا وهو يزف بشرى حصول الفلسطينيين على أكثر من أربعة ونصف مليار دولار من الدول المانحة في مؤتمر إعمار غزة ومساعدة الفلسطينيين الذي انعقد في شرم الشيخ أمس ، وراح الرجل يعد على يديه ويحسب ويضيف من عنده ما لم يذكر في المؤتمر أصلا ، ولكنه من باب التمني الشخصي أو التوقع ، عندما أشار إلى ما أسماه "الأرقام" التي كانت بعض الدول تتحملها كالتزامات تجاه الفلسطينيين ، ووصل الرجل بالمبلغ إلى قرابة الخمسة مليارات وربع المليار ، والحقيقة أن هذا كله كلام في الهواء ، وقد لا يحصل الفلسطينيون بعد كل هذه الجلبة على نصف هذا المبلغ ولا ربعه ، وكانت نفس هذه الدول قد قررت منح الفلسطينيين في مؤتمر مشابه في العام 2007 ما يقرب من ثلاثة مليارات دولار ، ولم يصل إلى الفلسطينيين من المبلغ إلا أكثر قليلا من نصف مليار فقط لا غير ، وبعض المنح التي أطلقت في مؤتمر شرم الشيخ الأخير تبقى كلاما في الهواء لم يوثق ولم يتم اعتماده ، مثل التسعمائة مليون دولار التي وعدت بها الإدارة الأمريكية ، فهو مبلغ يظل رهين موافقة الكونجرس ، وقد لا يوافق إذا رأت الدوائر اليهودية النافذة في واشنطن منعه ، وأقول هذا الكلام ليس من باب الإحباط ، فهي ـ في النهاية ـ خطوة جيدة تضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته ، وعلى الأقل ستكون هناك تعهدات يمكن أن يحاكم المجتمع الدولي إليها إذا نقضها أو تكاسل عنها ، ولكني كنت أتمنى أن يكون المسؤول المصري الرفيع أكثر واقعية واتزانا من هذا "الفرح" الذي أقامه ، وأن يكون أكثر وضوحا في دعوة المانحين إلى الالتزام بما قرروه ، بدلا من أن يدور الهمس بين الديبلوماسيين الغربيين في ردهات المؤتمر عن مدى جدية هذه المنح المفترضة ، وهو ما نقلته وكالات الأنباء عن خلفيات ما دار في شرم الشيخ ، غير أن الأخطر في هذا المؤتمر هو نزوع بعض الأطراف إلى "تسييس" عملية إعادة إعمار غزة ، من خلال استغلال ذلك الدعم السخي لتهميش سلطة حماس في غزة ـ التي عزلت عن حضور المؤتمر ـ وتعزيز قدرات ونفوذ سلطة محمود عباس حيث دعيت حكومته غير الشرعية ، لقد حرصت وزيرة الخارجية الأمريكية أكثر من مرة في كلمتها على التأكيد بأن هذه الأموال لن يذهب شيء منها إلى حماس ، ولكنها لم تذكر سلطة محمود عباس في هذا النفي ؟! ، بل إنها قررت أن ثلث المنحة الأمريكية المفترضة فقط سيكون لغزة ، والباقي لا يعرف وجهته ، وفي الأغلب الأعم سيكون لدعم كتائب وميليشيات محمود عباس ، على النحو الذي كان يحدث أثناء التحضير للانقلاب على حماس في غزة قبل أن تقرر الأخيرة السيطرة لقطع الطريق على الانقلابيين ، كلينتون قالت بالحرف أمس : " عملنا مع السلطة الفلسطينية لوضع ضمانات لاستخدام أموالنا في المكان وللاشخاص المستهدفين فقط كي لا ينتهي بها المطاف في الايدي الخطأ" ، أي أن التنسيق والتعامل هي مع مجموعة محمود عباس وحده ، كما أن كلامها لم يوضح ما هي "الأيدي الخطأ" التي تقصدها ، لم ينجح مؤتمر شرم الشيخ في وضع إجابات على الأسئلة المحورية في هذا الموضوع ، إعمار غزة ، خاصة دور حماس ، القوة الشرعية الحاكمة بالفعل في غزة ، ولا كيفية إدخال الأموال ومستلزمات الإعمار في ظل التعنت الإسرائيلي ، واكتفى الأمين العام للأمم المتحدة بالصراخ في المؤتمر بأن الأوضاع على المعابر حول قطاع غزة لا يطاق ، بينما أكد الديبلوماسيون الغربيون الذين حضروا المؤتمر على أن كل هذا الكلام عن الدعم والتمويل سيصبح هراءا مالم يتم إلزام إسرائيل بفتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة .
جمال سلطان (المصريون) : بتاريخ 2 - 3 - 2

ليست هناك تعليقات: